سورة هود - تفسير تفسير الواحدي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (هود)


        


{إن كان الله يريد أن يغويكم} أَيْ: يُضِلَّكم ويوقع الغيَّ في قلوبكم لما سبق لكم من الشَّقاء {هو ربكم} خالقكم وسيِّدكم، وله أن يتصرَّف فيكم كما شاء.
{أم يقولون} بل أيقولون {افتراه} اختلف ما أتى به من الوحي {قل إن افتريته فعليَّ إجرامي} عقوبة جرمي {وأنا بريء مما تجرمون} من الكفر والتَّكذيب.


{فلا تبتئس} أَيْ: لا تحزن ولا تغتم.
{واصنع الفلك بأعيننا} بمرأى منا، وتأويله: بحفظنا إيَّاك حفظ مَنْ يراك، ويملك دفع السُّوء عنك {ووحينا} وذلك أنَّه لم يعلم صنعة الفلك حتى أوحى الله إليه كيف يصنعها {ولا تخاطبني} لا تراجعني ولا تحاورني {في الذين ظلموا} في إمهالهم وتأخير العذاب عنهم، وقوله: {إن تسخروا منا} أَيْ: لما يرون من صنعه الفلك {فإنا نسخر منكم} ونعجب من غفلتكم عمَّا قد أظلَّكم من العذاب.
{فسوف تعلمون مَنْ يأتيه عذابٌ يخزيه} أَيْ: فسوف تعلمون مَنْ أخسر عاقبةً.
{حتى إذا جاء أمرنا} بعذابهم وهلاكهم {وفار التنور} بالماء، يعني: تنُّور الخابز، وكان ذلك علامةً لنوح عليه السَّلام، فركب السَّفينة {قلنا احمل فيها} في الفلك {من كلّ زوجين} من كلِّ شيءٍ له زوج {اثنين} ذكراً وأنثى {وأهلك} واحمل أهلك يعني: ولده وعياله {إلاَّ مَنْ سبق عليه القول} يعني: مَنْ كان في علم الله أنَّه يغرق بكفره، وهو امرأته واغلة، وابنه كنعان، {ومَنْ آمن} واحمل مَنْ صدَّقك {وما آمن معه إلاَّ قليل} ثمانون إنساناً.
{وقال} نوحٌ لقومه الذين أُمر بحملهم: {اركبوا} يعني: الماء {فيها} في الفلك {بسم الله مجريها ومرساها} يريد: تجري باسم الله، وترسي باسم الله، فكان إذا أراد أن تجري السفينة قال: بسم الله، فجرت، وإذا أراد أن ترسي قال: بسم الله، فَرَسَتْ، أَيْ: ثبتت {إن ربي لغفور} لأصحاب السَّفينة {رحيم} بهم.
{وهي تجري بهم في موج} جمع موجةٍ، وهي ما يرتفع من الماء {كالجبال} في العِظَم {ونادى نوح ابنه} كنعان، وكان كافراً {وكان في معزل} من السَّفينة، أَيْ: في ناحيةٍ بعيدة عنها.
{قال سآوي إلى جبل} أنضمُّ إلى جبلٍ {يعصمني} يمنعني {من الماء} فلا أغرق، {قال} نوح: {لا عاصم اليوم من أمر الله} لا مانع اليوم من عذاب الله {إلاَّ مَنْ رحم} لكن مَنْ رحم الله فإنَّه معصوم {وحال بينهما} بين ابن نوحٍ وبين الجبل {الموج} ما ارتفع من الماء.
{وقيل يا أرض ابلعي ماءك} اشربي ماءك {ويا سماء أقلعي} أمسكي عن إنزال الماء {وغيض الماء} نقص {وقضي الأمر} أُهلك قوم نوحٍ، وفُرِغ من ذلك {واستوت} السَّفينة {على الجودي} وهو جبل بالجزيرة {وقيل بعداً} من رحمة الله {للقوم الظالمين} المتَّخذين من دون الله آلهاً.


{ونادى نوح ربَّه فقال ربِّ إنَّ ابني} كنعان {من أهلي وإنَّ وعدك الحق} وعدتني أن تنجيني وأهلي، أَيْ: فأنجه من الغرق {وأنت أحكم الحاكمين} أعدل العادلين.
{قال يا نوح إنه ليس من أهلك} الذين وعدتك أن أُنجيهم {إنه عمل غير صالح} أيْ: سؤالك إيَّاي أن أنجي كافراً عملٌ غير صالح، وقيل: معناه: إنَّ ابنك ذو عملٍ غير صالحٍ {فلا تسألني ما ليس لك به علم} وذلك أنَّ نوحاً لم يعلم أنَّ سؤاله ربَّه نجاةَ ولدِه محظورٌ عليه مع إصراره على الكفر، حتى أعلمه الله سبحانه ذلك، والمعنى: فلا تسألني ما ليس لك به علمٌ بجواز مسألته {إني أعظك} أنهاك {أن تكون من الجاهلين} من الآثمين، فاعتذر نوحٌ عليه السَّلام لمَّا أعلمه الله سبحانه أنَّه لا يجوز له أن يسأل ذلك وقال: {ربِّ إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلاَّ تغفر لي} جهلي {وترحمني أكن من الخاسرين}.
{قيل يا نوح اهبط} من السَّفينة إلى الأرض {بسلامٍ} بسلامةٍ. وقيل: بتحيَّةٍ {منا وبركات عليك} وذلك أنَّه صار أبا البشر؛ لأنَّ جميع مَن بقي كانوا من نسله {وعلى أمم ممن معك} أَيْ: من أولادهم وذراريهم، وهم المؤمنون وأهل السَّعادة إلى يوم القيامة {وأمم سنمتعهم} في الدُّنيا. يعني: الأمم الكافرة من ذريَّته لى يوم القيامة.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8